فصل: تفسير الآيات (19- 22):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتخب في تفسير القرآن



.تفسير الآيات (215- 223):

{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220) هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (223)}
215- وأَلِنْ جانبك لمن أجاب دعوتك بالإيمان.
216- فإن عصوك ولم يتبعوك، فتبرأ منهم ومن أعمالهم، من الشرك وسائر المعاصى.
217- وفوض أمرك إلى القوى القادر على قهر أعدائك بعزته، وعلى نصرتك ونصرة كل مخلص في عمله برحمته.
218- الذي يراك حين تقوم إلى التهجد وأعمال الخير.
219- ويرى تصرفك فيما بين المصلين بالقيام والقعود والركوع والسجود حين تؤمهم في الصلاة.
220- إنه سبحانه هو السميع لدعائك وذكرك، العليم بنيتك وعملك، وكأنه سبحانه يقول له: هَوِّن على نفسك مشاق العبادة، فأنت تعمل بمرأى ومسمع منا.
221- قال المشركون: إن الشياطين تلقى السمع على محمد. فرد القرآن عليهم: هل أخبركم على من تتنزل الشياطين وتلقى الوساوس؟!
222- تتنزل على كل مرتكب لأقبح أنواع الكذب وأشنع الآثام، وهم الكهنة الفجرة الذين بين طباعهم وطباع الشياطين تجانس ووفاق.
223- يلقون أسماعهم إلى الشياطين، فيتلقون منهم ظنوناً، وأكثرهم كاذبون، حيث يزيدون في القول على ما تلقيه الشياطين.

.تفسير الآيات (224- 227):

{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}
224- قال الكفار: إن القرآن شعر، ومحمد شاعر. فأبطل الله هذا بإثبات أن القرآن ملئ بالحكم والأحكام، فأسلوبه ينافى أسلوب الشعر الذي يقوم على الباطل والكذب، وبين أن حال محمد صلى الله عليه وسلم ينافى حال الشعراء، فهو ينطق بالحكمة، وهم ينطقون بالزور، وهذا حال أغلب الشعراء.
225- ألم تر أنهم في كل واد من أودية القول يهيمون على وجوههم، فلا يهتدون إلى الحق؟
226- وأنهم يقولون بألسنتهم ما لا يلتزمونه في عملهم.
227- لكن الذين اهتدوا بهدى الله وعملوا الصالحات حتى تمكنت فيهم ملكات فاضلة، وذكروا الله كثيراً حتى تمكنت خشيته من قلوبهم، هؤلاء يجعلون الشعر كالدواء يصيب الداء، وينتصرون لدينهم وإقامة الحق إذا جير على الحق، وسيعلم الذين ظلموا أنفسهم بالشرك وهجاء الرسول أي مرجع من مراجع الشر والهلاك يرجعون إليه.

.سورة النمل:

.تفسير الآيات (1- 2):

{طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)}
1- طس- حرفان صوتيان ابتدأت بهما السورة الكريمة تنبيها إلى سر الإعجاز في القرآن مع الإشارة إلى أنه من جنس ما يتكلمون، ولتنبيه الأذهان للاستماع إليه.
تلك آيات المنزل مقروءاً تتلونه، وهو كتاب مبين لما جاء به.
2- وهو هادٍ للمؤمنين إلى طريق الخير والفوز في الدنيا والآخرة، ومبشر لهم بحسن المآل.

.تفسير الآيات (3- 9):

{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (3) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (4) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (5) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9)}
3- الذين يؤدون الصلاة في خشوع مستوفية الأركان، ويعطون الزكاة في أوقاتها، وهم يوقنون بالحياة الآخرة، وما يكون فيها من ثواب وعقاب.
4- إن الذين لا يؤمنون باليوم الآخر زيَّنا لهم أعمالهم بخلق الشهوة فيهم، فهم يتردون في ضلالهم.
5- أولئك الذين لهم العذاب السيئ، وهم في الآخرة أشد الناس خسرانا.
6- وإنك- أيها النبى- لتتلقى القرآن الذي ينزل عليك من لدن من لا يدانى في حكمته، وقد أحاط بكل شيء علما.
7- اذكر حين قال موسى لزوجته ومن معه وهو عائد إلى مصر: إني أبصرت نارا، سآتيكم منها بخبر عن الطريق، أو آتيكم بشعلة مضيئة نارا مقبوسة، لعلكم تستدفئون بها من البرد.
8- فلما وصل إليها نودى: أن بُورك من في مكان النار ومن حولها. وهم الملائكة وموسى. ونزه الله رب العالمين عن كل ما لا يليق به.
9- يا موسى إني أنا الله المستحق للعبادة- وحده- الغالب على كل شيء، الذي يضع كل أمر في موضعه.

.تفسير الآيات (10- 15):

{وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (11) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (12) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (13) وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)}
10- وفى سبيل أن تؤدى دعوتك ألْق عصاك. فلما ألقاها ورآها تهتز كأنها حية خفيفة سريعة أعرض عنها راجعا إلى الوراء، ولم يعد إليها بعد أن أدبر عنها، فطمْأنه الله تعالى بقوله: لا تخف إني لا يخاف عندى المرسلون حين أخاطبهم.
11- لكن من عمل شيئا غير مأذون له فيه، ثم بدَّل حسنا بعد هفوة فإنى كثير المغفرة عظيم الرحمة.
12- وأدخل يدك في فتحة ثوبك تخرج بيضاء من غير برص، في جملة تسع معجزات، مرسلا إلى فرعون وقومه، إنهم كانوا قوما خارجين عن أمر اللَّه كافرين.
13- فلما جاءت هذه المعجزات واضحة ظاهرة قالوا: هذا سحر واضح بيِّن.
14- وكذبوا بها منكرين لدلالتها على صدق الرسالة، وقد وقع اليقين في قلوبهم، ولكنهم لم يذعنوا لاستعلائهم بالباطل وطغيانهم، فانظر- أيها النبى- كيف كانت عاقبة الذين دأبوا على الفساد، فكفروا بالمعجزات وهى واضحة؟
15- هذا طغيان فرعون بسبب ملكه، فانظر إلى السلطان العادل، سلطان الحكم وسلطان النبوة في داود وابنه سليمان- عليهما السلام- لقد آتيناهما علماً كثيراً بالشريعة ودراية بالأحكام، فأقاما العدل وحمدا الله الذي منحهما فضلاً على كثير من عباده الصادقين المذعنين للحق.

.تفسير الآيات (16- 18):

{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17) حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)}
16- وقد آل الملك والحكم من داود إلى سليمان ابنه، وقال: يا أيها الناس عُلِّمنا لغة الطير، وأوتينا كثيرا مما نحتاج إليه في سلطاننا: إن هذه النعم لهى الفضل الواضح الذي خصنا الله به.
17- وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير في صعيد واحد، فهم بحبس أولهم على آخرهم حتى يكونوا جيشاً منظماً خاضعاً.
18- حتى إذا بلغوا وادى النمل قالت نملة: يا أيها النمل ادخلوا مخابئكم، لكيلا تميتكم جنود سليمان وهم لا يحسون بوجودكم.

.تفسير الآيات (19- 22):

{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21) فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)}
19- فتبسَّم سليمان ضاحكاً من قول هذه النملة الحريصة على مصالحها، وأحس بنعمة الله تعالى عليه وقال: يا خالقى ألهمنى أن أشكر نعمتك التي أنعمت بها علىَّ وعلى والدىَّ، ووفقنى لأن أعمل الأعمال الصالحة التي ترضاها، وأدخلنى برحمتك السابغة في عبادك الذين ترتضى أعمالهم.
20- وتَعَرَّفَ جنوده من الطير فلم يجدوا الهدهد، فتعجب وقال: مالى لا أرى الهدهد؟ أهو بيننا ولم يقع عليه نظرى، أم هو غائب عنا ليس بيننا؟!
21- والله لأنزلن به عذاباً شديداً يردعه، أو لأذبحنه إن كان الذنب عظيماً، إلا أن يأتينى بحجة بيِّنة تُبرر غيابه عنى.
22- وكان الهدهد قد مكث في مكان غير بعيد زماناً غير مديد، ثم جاء إلى سليمان يقول له: قد أحطت علماً بما لم يكن عندك علم به، وجئتك من سبأ بخبر ذى شأن عظيم وهو مستيقن به.

.تفسير الآيات (23- 31):

{إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)}
23- إني وجدت في أهل سبأ امرأة تحكمهم، وأوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا، ولها سرير كبير يدل على عظمة ملكها وقوة سلطانها.
24- وجدتها هي وقومها يعبدون الشمس ولا يعبدون الله، وحسَّن لهم الشيطان أعمالهم فظنوها حسنة وهى السوء، فصرفهم بذلك عن سبيل الحق، فهم لا يهتدون.
25- ألا يسجدوا لله تعالى، وهو الذي يخرج المخبوء في السموات والأرض، ويعلم ما تسرون وما تظهرون؟!
26- الله لا معبود بحق سواه، صاحب السلطان المطلق العظيم على كل ما في الوجود.
27- قال سليمان مخاطباً الهدهد: سنتحرى خبرك هذا، أصدقت فيه أم كنت من الكاذبين؟
28- اذهب بكتابى هذا فأوصله إليها وإلى قومها ثم تنح عنهم متوارياً في مكان قريب، لتنظر فيما يرجع به بعضهم إلى بعض ويرددونه من قول.
29- وصل الكتاب إليها فجمعت أشراف قومها، وذوى شوراها، وقالت: يا أيها الملأ إني قد وصل إلىَّ كتاب عظيم الشأن.
30- ثم تلت الكتاب عليهم قائلة: إنه من سليمان وإنه مفتتح باسم الله ذى الجلال والإنعام الذي يفيض برحمته دائماً على خلقه.
31- لا تتكبروا علىَّ وأتونى منقادين خاضعين.

.تفسير الآيات (32- 37):

{قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)}
32- قالت لمجلس شوراها: بينوا لى الصواب في هذا الأمر الخطير الذي عرض لى، فإنى لا أبت في أمر حتى يكون بمحضركم.
33- قالوا مطمئنين لها: نحن أصحاب قوة بدنية وأهل نجدة وشجاعة، لا نخاف الحرب، فانظرى في الأمر الذي تأمريننا به، فإنا مطيعون.
34- قالت متريثة مسالمة: إن الملوك إذا دخلوا مدينة عظيمة بجيوشهم أفسدوها، فأذهبوا عمرانها، وأبادوا الحرث والنسل، وأفعالهم كذلك دائماً.
35- وإنى- إيثاراً للسلم والعافية- مرسلة إلى سليمان وقومه بهدية، ومنتظرة ما يرجع به الرسل، بقبول الهدية أم بردها.
36- وصل الرسل إلى سيدنا سليمان بالهدية، فقال لهم شاعراً بأنعم الله تعالى عليه، مخاطباً لها ولقومها في مواجهة رسلها: أتعطوننى مالا؟! فما أعطانى الله من النبوة والملك والنعمة أعظم مما آتاكم، بل أنتم بهديتكم وكثرة أموالكم تفرحون لا مثلى، لأنكم لا تعلمون إلا ما يتعلق بالدنيا.
37- وقال يخاطب المتكلم باسمهم: ارجع- أيها الرسول- إليهم، فوالله لنأتينّهم بجنود لا طاقة لهم بمقاومتها ومقابلتها، ولنخرجنهم من سبأ فاقدى العز، وهم مستعبدون.